Monday, May 21, 2007

ذات الشعر الأصفر

ذات الشعر الأصفر - بقلــم‏: ‏أحمد بهجت

قالت تفيدة ـ زوجة سيد أفندي ـ‏:‏
ـ أنا رايحة الكوافير ياسيد‏..‏
هز سيد رأسه وكان مستغرقا في جلسته أمام التليفزيون‏..‏
لم يسمع زوجته‏..‏ ويبدو أنها من فرط العشرة
قد أصبحت تفهمه كما يفهم نفسه وربما أكثر‏.‏


من هنا عادت تقول له‏:‏
ـ انت سمعتني ياسيد‏..‏
قال سيد‏:‏ أيوه سمعتك‏.‏
قالت تفيدة‏:‏ طيب أنا قلت إيه؟

تصنع سيد الغضب وقال لها‏:‏ بطلي الامتحانات
اللي بتعمليها لي طولة النهار‏..‏ والليل‏.‏

انصرفت زوجته وعاد سيد إلي شاشة التليفزيون الصغيرة‏,‏
التي ابتلعته تماما وانفصل فيها عن العالم الخارجي‏.‏

وفكر سيد أن الوقت الذي يقضيه جالسا أمام التليفزيون
والمحطات الفضائية يزيد مع مرور الوقت‏.‏


في البداية كان يستمع إلي الأخبار في التليفزيون‏,‏ بعد وقت بدا في
لبداية قليلا ثم راح يزيد‏..‏ أصبح يستمع إلي الأخبار والأفلام
والأغاني والإعلانات والرقص‏.‏

بعد دخول الديش في حياته أصبح جلوسه أمام التليفزيون
هو كل ما يفعله إذا وصل إلي البيت‏.‏

حتي الأكل في البيت أصبح يجري أمام التليفزيون‏,‏ ان زوجته تعد له صينية
وتضعها في مرمي شاشة التليفزيون‏,‏ حيث يبدأ سيد افندي
الأكل وعيناه علي التليفزيون‏..‏


وكثيرا ما سألته زوجته‏:‏
ـ نفسي أعرف ايه اللي واخدك في التليفزيون بالشكل ده؟
ولم يكن يجيبها علي السؤال لأن فمه مملوء بالطعام‏..‏

ومر الوقت‏..‏
ربما مرت ساعة ونصف أو ساعتان‏.‏
ورفع سيد افندي رأسه من أمام التليفزيون ونظر إ
لي الصالة كانت أنوار الصالة مطفأة‏.‏

لم يتبين سيد من الذي يمر في الصالة‏,‏ كل ما رآه
كان شبحا أصفر الشعر يمر في الصالة‏.‏


نسي سيد ان زوجته حدثته أنها ذاهبة إلي الكوافير‏..‏ وفكر بينه
وبين نفسه انهم كثيرا ما يتركون باب الشقة مفتوحا‏.‏

امتلأ سيد افندي برعب غامض مجهول لدي رؤيته السريعة
لهذا الشبح الذي عبر الصالة منذ قليل‏.‏

ورجح سيد افندي ان باب الشقة مفتوح وهناك لص
مطلق السراح في الشقة‏.‏

نهض سيد افندي واقفا وصرخ‏..‏

ـ مين هناك؟
لم يجيبه أحد ولا رد عليه أحد‏.‏
وعاد سيد يصرخ بعزم صوته ـ مين هناك؟
وهنا دخلت زوجته الحجرة‏..‏

سألته الزوجة بدهشة‏:‏ انت بتصرخ ليه ياسيد‏..‏ مالك؟
قال سيد‏:‏ أنا اتخضيت‏..‏ لقيت حاجة صفرة ماشيه في الصالة‏.‏
وفي هذه اللحظة لاحظ سيد افندي ان شعر زوجته اصفر‏..‏

سألها‏:‏ انتي كنتي فين؟
قالت‏:‏ كنت عند الكوافير‏.‏
سألها‏:‏ ليه؟

قالت‏:‏ رحت صبغت شعري أصفر‏..‏
عاد سيد يردد ـ ليه‏..‏ ولكن زوجته كانت تتأمل نفسها
في مرآة بالغرفة وهي تقول بسعادة‏:‏

ـ كده شكلي أحلي من الأول‏,‏ موش كده واللا ايه؟

لم يرد عليها سيد‏..‏
اجتاحته موجة من الضحك‏..‏
كان شكل زوجته يدعو إلي الضحك‏..‏

حاول سيد افندي أن يتوقف عن الضحك ولكنه فشل تماما‏,‏ ويمكن
القول ان نوبة من نوبات الضحك قد أدركته فلم يعد يستطيع إيقافها‏.‏

وكشرت زوجته عن أنيابها وسألته وهي عابسة‏:‏
ـ بتضحك علي ايه ياسيد؟

كان وجه زوجته مكفهرا‏,‏ وأدرك سيد ان الحكاية يمكن ان تنقلب
إلي النكد فتماسك وكتم رغبته في الضحك وبذل مجهودا
عنيفا حتي سيطر علي نفسه ولم يعد يضحك‏..‏

وعادت زوجته تسأل‏:‏
ـ ايه اللي بيضحك في شكلي ياسيد؟

أدرك سيد الفخ المنصوب له فقال في براءة مصطنعة‏:‏
ـ أنا مش بضحك علي شكلك‏..‏ أنا فوجئت بحاجة صفرة ماشية
في الصالة‏..‏ بصراحة أنا اتلهيت‏..‏ افتكرت حد غريب‏..‏ طلعتي انتي‏..‏

استمعت الزوجة إلي دفاع المتهم وكشرت أكثر وقالت‏:‏

ـ شايفاك بتضحك قوي علي شكلي‏..‏ شايفني أراجوز؟
قال سيد وهو يتراجع‏180‏ درجة ـ بعد الشر عنك انك تكوني أراجوز‏
..‏ انتي ست الستات‏,‏ كاملة الأوصاف والمعاني ماكانش ناقصك غير
انك تصبغي شعرك أصفر‏,‏ زي مذيعات التليفزيون‏,‏ الواحدة
منهم سمارة لكن صابغة شعرها أصفر‏.‏

لانت الزوجة قليلا وعادت تسأل‏:‏ كده أحسن واللا الأول؟

قال سيد بحماس‏:‏ لأ طبعا‏..‏ دلوقتي أحسن بكتير‏..‏ أنا بفكر أصبغ شعري
أنا كمان أصفر‏,‏ بس للأسف ماعنديش شعر‏..‏ اصلعيت‏..
‏ لولا الصلع كان زماني صابغ شعري أصفر دهبي‏..‏

ومرت الليلة بسلام‏.‏

No comments: